قصة قصيرة


محملة على الاكف أتوا بها ببزتها العسكرية التي لطختها الدماء في ساعتها الأخيرة.
وصلت الى المشفى فوجدت أمها بانتظارها برفقة صديقة العمر, بكلمات متلعثمة متقطعة طلبت ارتداء عبائتها المفضلة, عباءة بيضاء أسدلت عليها شعرها الأسود الطويل الناعم ونامت على السرير.
مسكت والدتها يدها وبدورها نظرت في عيناها مبتسمة وقالت لها: أمي اقتربت القافلة وحان الوقت لتهدأ روحي وتغفو بسكينة, استبشري يا أماه, زفيني كما الشهداء, افرشي لحدي بالصلاة. أمي دموعك اخفيها, دموعك حرب أنا المهزومة فيها, لا تقلقي من الوداع, ستبقى أعمالي في كل مكان تريني فيها, لا تقلقي من الوداع, فاللقاء المحتم سيكون سريعا, سيعيش أبدا في أمكنة تعشقيها. انها هدية السماء الرحمن التي صليت من أجلها طويلا, لا مكان لي في دنيا الخطيئة, لم أستطع التأقلم في حياة البشرية.
ثم دارت بنظرها الى صديقتها وقالت لها: استودعك مسيرتنا أمانة, لن يكون عدونا صديقا, لا تنسي عهدنا. فاقتربت منها وحضنتها بحرارة حضنا عميقا حنونا مؤثرا يثير المشاعر.
وفي اللحظة الاخيرة نادت أمها لتطبع على خدها القبلة الأخيرة الذي غرق بالدموع وغادرت بعيدا الى مكان حلمت به وأحبت.

بقلم غنى جرجوعي